مترجم درس اللغة الألمانية وآدابها بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر. حصل على الليسانس عام 2006 بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وعُيِّن كمدرِّس للُّغة الألمانية في نفس الكلية. يمارس الترجمة الأدبية منذ عام 2005، حيث شارك في ورشة للترجمة بين العربية والألمانية بجامعة لايبزيج بألمانيا. من ترجماته: خمس مسرحيات، نُشرت في أعداد مختلفة من جريدة "مسرحنا"، رواية "خبز السنوات الأولى"، للكاتب الألماني هاينريش بُل الحاصل على جائزة نوبل. من ترجماته مع مركز المحروسة: "في مستعمرة العقاب" لكافكا، "يعقون فون جونتين" لروبرت فالزر، "أسطورة السِّكِّير والمقدَّس" لچوزيف روث.
ما نَتَعلَّمُه هُنا قَليلٌ جِدًّا، ثَمَّةَ عَجزٌ في هَيئَةِ التَّدريسِ، ونَحنُ صِبْيان مَعهَدِ بِنيامِنْتا، لَن نَصِلَ إلى شَيءٍ، هَذا يَعني أَنَّنا جَميعًا لَنْ نَكونَ في حياتِنا لاحِقًا إِلَّا شَيئًا صَغيرًا جِدًّا وتابِعًا. التَّعليمُ الَّذي نَتَلقَّاهُ يَتمَثَّل على نَحوٍ أَساسيٍّ في تَربِيَتِنا على الصَّبرِ والطَّاعَةِ، خُصلَتانِ لا تُبَشِّران بِنَجاحٍ كَبير، أَو لا تُبَشِّرانِ بِأَيِّ نَجاحٍ عَلى الإِطلاق. نَجاحاتٌ داخِلِيَّةٌ، إِي نَعَم. لَكِن ماذا يَجني المرءُ مِن مِثلِ هَذِهِ النَّجاحاتِ؟ هَل تَكْفُلُ المكاسِبُ الدَّاخِلِيَّةُ لِلمَرْءِ ما يَأكُلُه؟ إِنَّني أُحِبُّ أَن أُصبِحَ غَنيًّا، أَركَبُ العَرَباتِ وأُبَعثِرُ الأَموالَ. لَقَد تَكلَّمتُ بِهَذا مع كراوس، رفيقي في المعهَدِ، لَكِنَّهُ لَم يِزِدْ عَلى أَنْ هَزَّ كَتِفَيْه بازدِراءٍ، ولَم يَعبَأ بالرَّدِّ عَليَّ ولَو بِكِلمَةٍ واحِدَة. كراوس صاحِبُ مبادِئَ، إِنَّه يَجلِسُ بِمُنتَهى الثَّباتِ عَلى السَّرجِ مُمتَطِيًا صَهوَةَ الرِّضا والقَناعَةِ، وهَذِه مَطيَّةٌ لا يُحِبُّ أَن يَمتَطِيَها أُولِئكَ الَّذين يُريدون أَن يَركُضوا. وإنَّني مُنذُ جِئتُ هُنا إِلى مَعهَدِ بنيامِنْتا، قد تَوصَّلتُ بالفِعلِ إلى أَنْ أُصبِحَ لُغزًا أَمامَ نَفسي.
ولأن جلسته جاءت فى مواجهة مرآة ، فلم يستطع أن يمسك نفسه عن تأمل وجهه فى المرآة ، فكان كأنه الآن يتعرف على نفسه من جديد . على أنه فزع . لكنه أدرك فى الوقت نفسه لماذا كان فى السنوات الأخيرة يخاف من المرايا إلى هذا الحد . لأنه لم يكن من الجيد أبداً أن يرى المرء بعينيه عفنه هو . وما دام المرء لا يضطر إلى رؤية وجهه ، فإن الأمر يكاد يكون أحد أمرين ، إما أنه ليس له وجه أصلاً ، وأما أنه لا يزال له وجهه القديم نفسه الذى يعود إلى زمن ما قبل التعفن .
لمَّا اقتَرَبَ المستَكشِفُ نَهَضَ بَعضُهم. وقفوا جَنْبَ الحائط، وعيونُهم شاخِصَةٌ إليه. "أجنبيٌّ" -دارَ الهَمسُ من حَولِ المستكشِفِ- "ويُريدُ أَنْ يَرى القَبرَ". أَزاحوا إحدى المناضِدِ جانِبًا، وبالفِعلِ كان تَحتَها شاهِدُ قَبرٍ. كانَ حَجَرًا عادِيًّا، واطِئًا بِما يَكفي لإخفائِهِ تَحتَ مِنضَدَةٍ. وكانَت عَلَيهِ كِتابَةٌ بِحُروفٍ صَغيرَةٍ جِدًّا، اضطُرَّ المستَكشِفُ إلى النُّزولِ على رُكبَتَيْه لِكَي يِقرَأَها. وكانَ المكتوبُ: "هُنا يَرقُدُ القائِدُ القَديمُ. وأَتباعُهُ -الَّذينَ لا يُباحُ لَهُم الآنَ أَنْ يُفصِحوا عن أَنفُسِهم- قد حَفَروا له هذا القَبرَ، ووَضَعوا عَلَيهِ هَذا الشَّاهِدَ. وتَقولُ النُّبوءَةُ إنَّ القائِدَ بَعدَ عَدَدٍ مُقَدَّرٍ مِنَ السَّنواتِ سَيقومُ من قَبرِهِ، ويَقودُ مِن هذا البَيتِ أَتباعَهُ لِيَستَرِدُّوا المستَعمَرَةَ ويُعيدوها إلى قَبضَتِهم. فآمِنوا وانتَظِروا!". "في مُستَعمَرَةِ العِقابِ" مُتَرجَمَةً عن الألمانِيَّة، مع ثلاثِ قصَصٍ أُخرى لفرانس كافكا، مِن أَهَمِّ الأَعمالِ القَصَصيَّةِ المنشورَةِ في حَياتِه.